إشباع الحاجات النفسية للمراهقين يدعم قبولهم لذواتهم وتكيفهم مع مجتمعهم

إشباع الحاجات النفسية للمراهقين يدعم قبولهم لذواتهم وتكيفهم مع مجتمعهم
بواسطة: هبة شركس

 

تعد مرحلة المراهقة من المراحل العمرية الهامة في حياة الإنسان، فهي تمثل مرحلة انتقالية ما بين الطفولة والبلوغ، ويتم خلالها اكتساب المعارف والمهارات.

كما يتعلم فيها المراهق كيف يتحكم بمشاعره ويدير علاقاته، مما يساعده في اكتساب هويته الخاصة.

وبحسب مستشارة الصحة النفسية الدكتورة هبة شركس هناك 6 حاجات نفسية للمراهق يجب على الآباء والمربين التعامل معها بفاعلية، هي الحاجة للتقبل، والانتماء، والاهتمام، والاستقلال، والحب غير المشروط، والحاجة للتشجيع.

السواء النفسي

دعت الدكتورة شركس الآباء من خلال برنامج "التربية بالحب تدعم الصحة النفسية" الذي تقدمه مؤسسة التنمية الأسرية ضمن خدمة تنمية المهارات الوالدية في مرحلة المراهقة، إلى ضرورة فهم احتياجات أبنائهم وآليات التعامل معهم في مرحلة المراهقة، من أجل مساعدتهم للوصول إلى درجة النضج والبناء النفسي السوي، وقبول ذواتهم والتكييف مع الآخرين، وبناء استقرارهم الداخلي، وتكوين نظرة إيجابية شاملة للمستقبل، وتعزيز روح التفاؤل والصبر على مصاعب الحياة.

ولفتت مستشارة الصحة النفسية  إلى أن تقبّل الوالدين للمراهق من الحاجات النفسية التي تشكّل أساس ثقته بنفسه، موضحةً أهم وسائل إشباعها: "لا تنتقدوا المراهق بل انتقدوا الخطأ بعيداً عن المساس بشخصيته، ولا تكثروا من النقد والمواعظ بشكل متكرر، مع ترك المقارنة المستمرة بين المراهق وأقرانه أو بين المراهق ووالديه، وتقبل انفعالاته واعطائه مساحة كافيه لتعبير عن أفكاره".

الحاجة للاستقلالية

أيضاً يحتاج المراهق إلى مساحة من الاستقلالية تزداد تدريجاً مع ازدياد نموه النفسي في فترات المراهقة، تتمثل استقلاليته في حصوله على مساحة من الخصوصية واحترام افكاره وقراراته وإشعاره أنها محط اهتمام وتقدير، و يترجم المراهق رغبته في الحصول على هذه الاحتياجات في صورة سلوكيات متعددة منها الانفعال الشديد أو العناد أو عصيان الأوامر.

وحين يتم إشباع حاجة المراهق للاستقلالية، من خلال احترام أفكاره، وتشجيعه على اظهار انفعالاته، وعلى معاودة التجربة بعد الفشل، و إبداء الثقة بقدراته في اتخاذ القرارات وتحمّل مسؤوليتها، ينشأ المراهق معتمداً على نفسه في تصرفاته.

تشجيع حقيقي

وأوضحت مستشارة الصحة النفسية أن المراهق الذي يتصرف بشكل سيء هو غالباً مراهق محبط لا يحصل على التشجيع الحقيقي الذي يشبع حاجته، فكلما زاد تشجيع الأبوين للمراهق كلما قل السلوك السلبي لديه.

وقالت: "حينما يتلقى المراهق التشجيع يصبح أكثر قدرة على الإقدام والمخاطرة وتقبل ارتكاب الأخطاء، ويتعلم الاعتماد على نفسه بشكل أكبر، مما يساعده على تعزيز مهارات جيدة للتعامل مع الفشل وعدم اليأس، وزيادة قدرته على التفكير والتقييم الذاتي، ولكن دون المبالغة في التشجيع، حتى لا يصبح مدمناً على المديح وباحثاً عنه".

ونوهت الدكتورة شركس إلى أن تلبية حاجة المراهق بالاهتمام هي أعظم هدية يمكن أن يقدمها له والديه، ولكن دون الافراط في الاهتمام به لأن ذلك يشعره بالضيق، فالاهتمام المتزن وليس الاهتمام المبالغ فيه هو ما يبحث عن المراهق ويتوق إليه.وحذرت من عدم إشباع حاجة الاهتمام لدى المراهقين، موضحة أن المراهقين الذين يفتقدون لاهتمام والديهم يعلنون العصيان على أهلهم، ويسيطر عليهم الشعور بالإحباط و الغضب والامتعاض السريع، ويخافون من أهلهم ويتجنبونهم، و يكذبون لتجنب العقاب.

شعور فطري

وأكدت على أهمية إشباع حاجة المراهق للانتماء، قائلة: "لدى المراهق شعور فطري لأن ينتمي إلى مجموعة من الأفراد وأن يكون مقبولاً فيها، سواء تعلق الأمر بالعائلة أو الأصدقاء، و يكون انتماءه في هذه الفترة لمجموعة الأقران والأصدقاء أكثر من الوالدين، و هنا يأتي دور الأهل في التعرف على أصدقاء المراهق والترحاب بهم وعدم نقدهم، والاهتمام بعلاقاته الاجتماعية، و التحدث معه حول أهمية الأصدقاء وضرورة اختيار أصدقاء جيدين حتى يتمكن من بناء شخصيته بشكل جيد".

وأوضحت الدكتورة شركس صيغة تقديم الحب للأبناء في مرحلة المراهقة، قائلة" يجب أن يشعر الوالدين ابنهم برضى عن شخصه وكيانه دون شرط، بمعنى أن يشعر المراهق بحب ذويه له دون قيد أو شرط، حتى وإن اختلفا معه".

وتعتبر مستشارة الصحة النفسية تشكيل الهوية من أهم التحديات النفسية التي يمر بها المراهق، موضحة أن مرحلة المراهقة مرحلة حرجه جداً فهي بمثابة مولد جديد للفرد يسعى خلاله أن يحقق ذاته ويكون شخصيته، وأن كل شخص له عالم خاص به، وطريقه مميزة له في الأداء فرغم تشابه الشخصيات وتكرار الأدوار والسيناريوهات إلا أنه لكل شخص بصمته المميزة و التي قد تتشابه لكنها لا تتطابق أبداً مع الآخرين.